وبدون أي سابق إنذار

أنا: "صلح حنفية الدوش".
هو: "حاضر".
بعد أسبوع
أنا: "صلح حنفية الدوش ... إبتدت تنقط".
هو: "حاضر".
بعد أسبوعين
أنا: "أرجوك تجيب حد يصلح حنفية الدوش، الحمام مبلول طول الوقت".
هو: "حااااااااااضر .. يوم أجازتي".
بعد شهر
أنا: "لو مش عاوز تجيب حد يصلح حنفية الدوش قولي وأنا أتصرف ... محبس المية قفلاه علاطول مينفعش كده مش كل ما أعوز ميه أفتح المحبس".
هو: "لأ متجبيش حد وأنا مش موجود في البيت، 100 مرة أقول حاضر ... حاضر ... حاضر ... حااااااااااااضر".
وبعد يأس دام لأكثر من شهرين على أمل تصليح الحنفية وجفاف أرضية الحمام، استيقظنا اليوم (عادي يعني زي كل يوم)، سبقني إلي الحمام وظللت أنا على السرير تغالبني بقايا النعاس ... وهي تقفز من حولي طابعة بعض القبلات الرقيقة على وجنتي مرات ومرات، لا أفكار تراودني سوى رغبتي في أن أخلد للنوم بضع ساعات أخرى..
"مش هتقومي بقه؟ ... عاوزين نفطر" يأخذها من جواري حاملاً لها مداعباً .. يفلتها من يديه .. يستدير، فتخرج من الغرفة خلفه مهرولة.
"هاااااااااااااااااااااااوم" أجلس نصف جلسة أتمطع متثائبة، أحدث نفسي في كسل: "نفطر إيه .. نفطر إيه؟؟".
وفجاءة "وبدوووووووووووووون أي سابق إنذاااااااااااااااااار"، ضجة مائية تدوي في أرجاء الشقة ... بكاء وعويل أميزه جيداً، يربكه ما تصدره هي من أصوات بشكل متواصل ... فيصرخ فيها: "ابعدي من قدام باب الحمام ... ابعدي ... ابعدي".
أفزع ... فأقفز من على سريري شاغرة فاهي، لا أعي ما يدور في المحيط الخارجي لغرفة النوم "إيه ده هي الصالة مبلولة كده ليه!!!!!!، هو مش كان الحمام بس ... يا نهار أبيض ...... السجادة، التليفون .. لأ .. لأ كله إلا ده جههه .. جهههاااا..... جهههااااااااااز الكومبيوتر".
مضخة مائية تصل باب الحمام بالصالة وهي في مواجهة هذا الفيضان المائي، أتساءل في صمت "هو في حريقة في الشقة إللي جنبنا والمطافي مسلطة خراطيم المية على شباك حمامنا غلط؟؟"
هو صارخاً فيها من جديد: "ابعدي من قدام الحمام"
هي: "أأأأااااااااااااا أااااااااااااااااااااااا" ولكنها لا تتحرك.
أنا: "جهازي .. حبيبي .. معييش فلوس أجيب غيرك، السجادة تقيلة قوي هشيلها إزاي لوحدي؟".
هو: "الكهرباااااا ..... المية بتضرب في كوبس الحمام ... نزلي السكينة" ويضيف "بسرعة اتحركي بسرعة هيحصل قفلة".
هي: "أأأأااااااااااااا أااااااااااااااااااااااا" وبدون حراك.
أنا في ارتباك شديد: "هي فين السكينة دي .. جهاااااازي .. هو في إيه؟!!".
هو في غضب: "بسرعة إنتي لسه هتسألي .... ناااازلي ي ي ي السكينة، هتلاقيها عند باب الشقة".
أتمتم "طاب ماتنزلها إنت".
أتخطى الحاجز المائي في سرعة لأصل قرب باب الشقة باحثة عن سكينة الكهرباء ... لكن لا توجد سكينة.
أنا: "مش كنا نأجر شقة فيها سكينة كهربه، أعمل إيه دلوقتي؟".
هو مستائاً: "إيه الهبل ده .. يعني إيه مفيش سكينة؟".
أنا: "والله العظيم ما لاقيه سكاكين ولا معالق!!".
هي: "أأأأااااااااااااا أااااااااااااااااااااااا" ولا تتحرك.
هو: "تحت الجاكت المتعلق على المسمار".
أنا في إحباط: "وإيه إللي علق الجاكت بتاعك في الحتة دي .. ده بيت منظم ده؟".
هو: "مش وقته الكلام ده".
يزداد إندفاع تدفق الماء .. ألقي نظرة حزينة على جهازي .. أحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه .. أرفع الجاكت .. أخيراً وجدتها .. أغلقت جميع المفاتيح داخل السكينة .... ولكن!!!!!.
أنا في اندهاش: "هي المية موقفتش ليه؟ .. ما أنا نزلت سكينة الكهربه".
هو: "إرحمني يارب .. وإيه علاقة الكهربه بالمية؟".
أنا موشكة على الإنهيار: "جهااااااااااااااااااااااااااااااااااااااازي".
هي في تمزق: "عي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي" لازالت لا تتحرك ولم يفكر أي منا في إبعادها.
يدخل الحمام مسرعاً، يغلق محبس الماء العمومي (الذي لم يكن مغلقاً هذة المرة منذ شهرين)، يخفت صوت التدفق ... وتقل شدة إندفاع الماء شيئاً فشيئاً حتى انتهت الأزمة ............
هي وقد أصابت حنجرتها بحة: "أأأأأ كه كه كه أأأأأ" وتتحرك.
أنا مصدومة: "هو في إيه؟".
هو في حياء: "حنفية الدوش".
أنا: "مالها؟؟؟؟؟؟؟؟".
يصمت ... أنظر له ... يزيح وجهه ... ملابسه تتساقط منها قطرات الماء ... هي شبة غارقة ... الصالة تحولت إلى (بسين) تسبح فيه السجادة ... وجهااااااااااازي.
يصرخ من جديد: "فين الترنجات؟ عاوز ترنج".
أدخل إلى الحمام لأتحقق من الخسائر (الأخرى)، أنظر إلى (حنفية الدوش، مفيش حنفية).
أتساءل مندهشة: "هي الحنفية راحت فين ... أهيه لاقيتها – واقعة جوه الحوض – هو إيه إللي جابها هنا!".
انتهت عملية المسح والتنشيف وتغيير الملابس، أسمع صوت باب الشقة يفتح ويغلق ثم مرة أخرى يفتح ويغلق .. أراه متجهاً نحو الحمام وفي يديه يحمل حنفية جديدة ومستلزماتها، ينشغل بتركيبها وأنا أنشغل برفع السجادة وحدي.
يخرج من الحمام .. أدخل خلفه .. أجده قد أصلحها .. أخرج .. تنتابني نوبة من الضحك الهستيري.
هو مندهشاً: "في إيه بتضحكي ليه؟".
أضحك وأضحك
هو: "متنرفزنيش".
لازلت أضحك
أهدأ شيئاً فشيئاً .. أصمت .. أفكر .. أتجهم .. أتذكر كيف كنت أتوسل منذ شهرين لإصلاحها ولم يكن لديه الوقت، أعذار واهية يختلقها كل مرة .. يحمر وجهي في حنق شديد، أنظر إليه وكلي غيظ، يعلو صوتي "ما كــــــــــــــــــــــــــــــان من الأول".
ملحوظة: علشان أسجل القصة دي على الوورد إحتجت لأكتر من 7 ساعات ... جهاز الكومبيوتر فضل يفتح ويقفل كل ربع ساعة مرة أو مرتين ويتمسح كل إللي كتبته .... تفتكروا أخد برد؟؟؟!!!.

اتقفلت

أخر قطعة جاتوه

(إمبارح كان عندنا جاتوه ... جاتوه ... جااااااااتوه).
ما ألذ صنف الحلويات، وما أفظع تأثيره حينما تطأ قدمي فوق ميزاني الحميم وأنظر شاغرة فاهي إلى الأرقام اللتي تشير أن وزني زاد وبشكل ملحوظ خلال 3 دقائق (ياااااادي النيلة!! ده يظهر إن عملية الهضم بتبتدي عندي من أول ما بشتريه مش لما أبلعه).
ويقفز في الحال على عقلي سؤال يشغلني جداً "لماذا كل جميل في هذه الدنيا وكل رغبة لها من الضرر ما يفوق النفع؟! " استجمعت شجاعتي المزعومة لأسأله ما دار بخلدي وأنا أسرق بشوكتي الصغيرة قطعة أيضاً صغيرة... (ممممم... الكدب حرام) ... قطعة كبيرة من طبقها (أيوة .. الهاء هنا للتأنيث) ... وأنا تغمرني السعادة بما ألوكه في فمي، وطبعاً كعادته (تطنيشي في الأول) وكأن أي مخارج للحروف لدي في حالة (Pause) أو أن كلامي يتجمد عبر الأثير أو يتكاثف كبخار الماء على الجدران.
 
مرة أخرى تمتد يدي الرشيقة لألتقط حبات عين الجمل من فوق قطعتها .. يذيبني طعم المكسرات مع الكريمة (نياااام نيام) ........أفرغت فمي استعداداً لمحاولة جادة وآمله لحصولي على إجابة سؤالي، وقبل أن أنبث ببنت كلمة تدارك الموقف مذعناً سماعه لسؤالي (الرجالة دي جنسها معمول من إيه؟ ما كان من الأول). (وصلني السؤال مفيش داع للـ لوك .. لوك .. لوك .. الكتير، حاضر يا ستي بفكر في إجابة تنهي النقاش اللي ممكن نتجادل فيه يومين ومش هيكفوا) بهذه الكلمات صفعني.
أصابني بالغيظ ككره طائشة تقتل عصفوراً بريئاً لا حول له ولا قوة، وأصاب محاولتي الجديدة في سرقة قطعة (صغيرة) آخرى من طبقها في مقتل (ما قلنا الكدب حرام) (صد نفسي الله يسامحه).
 
انتظره ........ (برهة .. برهتين .. 3 بره .. 4 قطع جاتوه .. 5 قطع جاااااااتـــ.....) (نفسي أتفتحت تاني عااااوزة حته كماااان)، أفكر في التسلل من بينهما لألتهم وحدي القطعة المتبقية في الثلاجة، لأ لأ لأ .. التسرع في وجودهما سيحول دون هناءي بها وحدي سأنتظر حتى تفرغ الأطباق لأحملها إلى المطبخ وإلتهم معشوقتي في الخفااااااااااااااء (ششش).
 
فرد ظهره على الكرسي بعد إنحناءه ليست بطويلة فوق طبقه، ودوى صوته الفارغ على الطاولة (الطبق طبعاً) بإحساس يملأه الشبع والكسل (مش الطبق طبعاً) (إشمعنه أنا لسه ما شبعتش)، امتدت يده كعادته المزمنة نحو الريموت كنترول التلفزيوني، التنقل بين المحطات الفضائية داءه الذي فشل جميع من يعرفه في محاولات يائسة لشفاءه (أما أنا فرميت طوبته).
 
(محطة .. محطتين .. 3 قطع جاتوه ... 4 قطع جااااا... أنا جرالي إيه!!)، أفقت على أغنية إعلان مسابقات لإحدى أرقام 0900 (وياااالا .. ياااالا .. 0900 ... وياااالا .. يااالا) سارعت هي بإلتقاط الريموت كنترول من يده قبل أن يقلب المحطة (واتحزمت وهاتك يارقص).
 
سعادة جديدة تغمرني، طبقها أصبح بدون رقيب ... وأناااا أجهزت على البقية الغير باقية فأصبح طبقها كما يقولون (إيش تاخد دودي من البلاط ... قصدي إيش تاخد الريح من البلاط).
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) صدق رسول الله، هكذا أجابني.. وقبل أن أبدأ محاولتي في النقاش أجهز عليها مستطرداً : (أفحمتك مش كده أنا داخل اغسل سناني وأنام)، انتهى الإعلان في نفس الأثناء وعادت أدراجها لتلحق بركب طبق الجاتوه (أوبس ... إيه إللي أنا هببته ده؟ مفيش طبق، قصدي مفيش حاجة جوه الطبق).
 
نظرت لي نظرة باهتة ونظرت له نظرة استنجاد متمتمة (كيييييييييييييكة .. كيييييييكة)، تظاهرت تشاغلي بلم الأطباق ولكنة نظر لي نظرة طويييييييييييلة معلناً في حزم: (قومي جيبلها الحتة إللي فاضلة)، اغرورقت عيناي وأمست أحلامي عن نشوة الإنفراد بقطعة الجاااااااااااااتوه مجرد أحلام، وقمت وأنا أجرجر أذيال انكسار الأمل (طفاستي ضيعت حتة بحالها)، أفكر .. أأتوسل إليه أم إليها؟، سبقني إلى الحمام وظلت هي واقفة تنظر نحوي في آسى على ما سرق منها، وظللت أنا واقفة مكاني كقطعة جاتوه بائتة.
 
تذكرت إجابته المُفحِمة على سؤالي (أكيد الجنة أشهى من حته جاتوه) فتلاشت رغبتي في ربعها، وتذكرت ميزاني الحميم (شوية كيلووات زيادة كفيلة بميزانية جديدة لكام طقم خروج) فتلاشت رغبتي في نصفها، ولكن ما جعلني أزهدها كلها بريق عيناها المدمعتين الذي لا أتحمله (تغووور حته الجاتوه كلها)، وبخطوات متبااااطأة ظهر في يدي طبق به لذة مغموسة بالكريمة والفستق ورقائق الكيك بالفانيليا (صبرني يارب)، مسحت دموعها بإبهامي وضممتها إلى صدري .. هدأت .. فأعاود التفكير من جديد، دفنت رأسها الصغير في أحضاني بيد وبالأخرى كنت ألتهم جزءاً كبيراً من ..... "آخر قطعة جـــــــــــــــــــــــــاااااتوه".
إتهضمت