استيقظت في الصباح مفزوعة من نومي، فقد رأيت كابوساً غريب ..................
خير اللهم اجعله خير " رأيت وكأنني في مسجد لأؤدي "صلاة العصر" ... أحاول أن اخترق الصفوف لأجد لي مكاناً بين أوائلها، أقيمت الصلاة ... فاستقمنا وساوينا بين أرجلنا، وشرع الإمام في تكبيرة الإحرام ثم قراءة "سورة الفاتحة"، وإذا بصوت نسائي يعلو بالبكاء والنحيب، حدث هرج ومرج في الصلاة وتوقف الإمام قليلاً حتى تلتزم النساء بالخشوع من جديد، ولكن ازداد نحيب السيدة وبكت بكاءً لم أرى من قبل أحداً يبكيه، وكأنها ترثى على ماضٍ جميل أو فقيدٍ غالي ... أو قادمٍ مؤلم، ثم ارتمت على الأرض في حالة تشنج وصرع شديدة، وخرجن بعضاً من النساء منهين صلاتهن بالسلام للإلتفاف حولها .. مادين أيديهن بالمساعدة، حاولت إحداهن رفعها من على الأرض، لكنها صرخت صرخة قوية وأرتعد جسدها كله ثم همد، وتفرق الجمع من حولها في ذهول، وإذا بجسدها النحيل قد تحول إلى هيكل عظمي، حاول الإمام أن يحث المصليات على الصمت ولكن قد فات الأوان، إضطربت الصفوف وعلا صوت النساء بالصراخ، ليتكرر الحدث مع سيدة أخرى ... ثم تلتها أخرى ... فرابعة وخامسة!!، حتى انتهى مآل النساء جميعهن على هذه الحال، وما بقيت غيري لم تصيبها ما أصابهن.
أخذت أركض للهرب وأنا لا أعي ما يحدث؟؟؟؟؟، ولم أدرك أنني خلفت حذائي ورائي في المسجد إلا بعد أن جُرحَت قدمي بقطعة من الحديد ملقاه في الشارع، تناسيت الألم لأنفذ إلى مأمن وكان هناك من يتبعني، حاولت أن أزيد من سرعتي ولكنه لحقني ووازى خطواتي، وعلى ما أظنه كان أحد الرجال المصلين في المسجد معنا، وتبدى لي على وجهه نفس المعالم الفزعة التي تعتري ملامحي، وقد ركض حافياً هو الآخر.
وبعد مسافة طويلة لا أدري كم استغرقت من الوقت؟، وقفت لاهثة ألتقط أنفاسي ... وكذلك فعل، استندت على باب إحدى المحال المغلقة، فلم أقوى على الوقوف كثيراً وخانتني قدميّ بسبب جرحها لأسقط فريسة الإعياء جالسة على الأرض.
أخذ الرجل في الإقتراب مني ... ثم ركن لجواري يفصلنا مسافة ليست بالطويلة ولا القصيرة، ثم حادثني وصوت دقات قلبه ينفذ إلى مسمعي:
- شيئاً ما يحدث هناك ... أليس كذلك؟
أجبته بصوت لاهث لا يقوى على الظهور:
- نعم ... هناك شيئاً مخيف!!
سكتنا ثم استطرد:
- هل تعرفين له سبباً؟؟؟؟
هززت رأسي بالنفي
- يجب أن نبلغ الشرطة
انتفضت قائلة:
- ليس لي شأن بما يحدث، ولن أذهب مع أحد لأي مكان ... ريثما أقوى على الحركة سأعود للبيت.
تجهم وكأني أغلقت باباً في وجهه، ولزم الصمت شيئاً ... ثم توسل إلي من جديد، ولكني أصررت على رأيي، حاولت الوقوف ولم أستطع، حاولت مرة أخرى ولم أستطع أيضاً، فبدأت تدمع عيناي ويصيب جسدي رعشة، ههمت بالبكاء فتذكرت كيف بدأ الحال مع نساء المسجد، فخشيت أن يكون كذلك معي، صارعت رغبتي في البكاء وجاهدت حتى وقفت بصعوبة بالغة، وقبل أن أغادر ... ارتفع صوت الرجل بالبكاء والنحيب، وارتد على وجهه أرضاً، وانتابته نفس حالة التشنج والصرع، وصرخت ملء فاهي مستنجدة بأي مار، ولكن لم أرى أحداً ولم يخرج حتى من شرفات المنازل جنس إنسان، ظللت فترة أراقبه ومن حسن الحظ لم يتحول كما تحولن السيدات، ولما تأكد لي أن جسده هدأ، اقتربت منه ... ولكزته بيدي في ظهره فلم يتحرك، لكزته من جديد فدبت حركة خفيفة في ذراعه، ثم استوى فجاءة قائماً متحولاً إلى تلك السيدة التي خلفتها ورائي في المسجد هيكلاً عظمياً.
دهشت دهشة بالغة لا تكاد أنفاسي المجهدة تحتويها، وظننت بنفسي الجنون أو أن لعنة حلت بي، اقتربت مني السيدة وملء فمها ابتسامه كشفت عن أسنانها، ولاح من بعيد ... خيالات لأشخاص لم أميزهم في البداية، ومع اقتراب وقع خطواتهم ... ظهرت نساء المسجد في ملابس رجالية، وكأنه حدث مع رجال المسجد جميعاً كما حدث مع الرجل الذي فر هارباً مثلي، اتجهن نحونا ... ثم التففن حول السيدة، جميعهن مبتسمات ... وأنا لا حول لي ولا قوة إلا بالله.
يتسرب الجنون إلي بحق ... أخرجت إحداهن من شنطة رجالية تحملها لافتة من القماش الأبيض مطوية، اصطففن المتحولات حاملات لها، وأدرن ظهورهن ماضيات نحو الفراغ ... ومضيت خلفهن لعلني أفهم، وظهرت جموعاً جديدة من كل صوب، وجميعهن يحملن نفس اللافتة التي كتب عليها ... "عندما تتبدل الأدوار".
استيقظت